-A +A
بشرى فيصل السباعي
بمناسبة قتل الأمريكيين لثاني زعيم لداعش بعملية إنزال في سوريا يجدر أن نعيد تذكير الشباب المتحمسين الذين تشربوا أدبيات الجماعات الإسلامية التي تتحزن على ما تتعرض له المجتمعات المسلمة من مظالم واضطهاد وإجراءات استثنائية دون بقية الأقليات الأخرى بالمجتمع وحوّلت حياة المسلمين إلى جحيم ونكبتهم من كل وجه مع ما يستتبع عادة التشرب بتلك الأدبيات من تولد قابلية لتقبل أكبر كذبة باطلة وخديعة وغش وزيف وتدليس في تاريخ الإسلام كله وهو زعم أن إنقاذ المسلمين من كل هذا يكون عبر الانضمام للجماعات الإرهابية والقيام بعمليات إرهابية هنا وهناك ما بين تفجير قنبلة بمستشفى للنساء والولادة في بريطانيا ومثلها ضد عدد من المستشفيات بالدول الإسلامية إلى تفجير مساجد المسلمين مروراً بكل حوادث تفجير المرافق المدنية كمدارس الأطفال ووسائل النقل العامة وتقطيع الرؤوس والأجساد بالسواطير أمام الأطفال وفي شوارع الشرق والغرب، ومن يصدقون أن الإرهاب هو العلاج لتعرض المسلمين للاضطهاد والعمليات العسكرية هم أناس بلا عقول ولا أدنى إدراك واقعي منطقي عقلاني لحقيقة الأمور على الأرض، وهذه الحقيقة التي يمكن للجميع التأكد منها بأنفسهم هي أنه لم يبدأ اضطهاد الإسلام والمسلمين في أي بقعة بالعالم إلا على إثر قيام جماعات إرهابية بحملة عمليات إرهابية في تلك البلدان لتدفع المجتمعات المسلمة ثمن تلك العمليات بالإجراءات الانتقامية والاحتياطات الأمنية التي حرمتهم الكثير من الحريات والحقوق الدينية التي كانوا يتمتعون بها وتم غزو وتدمير بلدان إسلامية بسبب تهمة الإرهاب وهذه عينة من الإحصاءات الأمريكية عن نتائج «الحرب على الإرهاب» التي بدأت في أعقاب عمليات 11 سبتمبر/‏2001 التي قامت بها القاعدة؛ تم تهجير حوالى «أربعين مليون» مسلم بسبب الحرب على الإرهاب منذ عمليات 11 سبتمبر «دراسة لجامعة بروان الأمريكية بعنوان مشروع تكاليف الحرب- Creating Refugees: Displacement Caused by the United States’ Post-9/‏11 War, Brown University’s Costs of War project وتسببت الحرب على الإرهاب التي بدأت أعقاب عمليات 11 سبتمبر في مقتل «ستة ملايين» مسلم، وأضعافهم من المصابين المعاقين المشوهين دراسة بعنوان ستة ملايين قتيل للحرب على الإرهاب لم يتم أخذهم بالاعتبار - Up to Six Million People the Unrecorded Fatalities of the ‘War on Terror, Byline Times, 15/‏September/‏2021 لكن من الملام الأول والأكبر بكل هذه الإحصاءات المفجعة؟ بالعودة إلى المرجعية الإسلامية فنمط السببية بالإسلام هو من أعظم المبادئ الأخلاقية؛ لأنه يحمل الناس المسؤولية عن تبعات أفعالهم فيما تولده من ردات أفعال لدى الآخرين؛ قال تعالى: (ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم) الأنعام:108. أي نهى الله عن سب معتقدات ومقدسات الآخرين؛ لأن هذا سيستجلب رد الآخرين بالمثل فيكون المسلمون بهذا قد استجلبوا المساس بحرمة المقدسات الإسلامية وسيحاسب هؤلاء المسلمون عن تسببهم بالمساس بحرمة المقدسات الإسلامية، وروى البخاري ومسلم عن النبي عليه السلام «إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه، قيل: يا رسول الله، وكيف يلعن الرجل والديه؟ قال: يسب الرجل أبا الرجل، فيسب أباه، ويسب أمه، فيسب أمه». فالنبي اعتبر أن تعرض والدي شخص للسباب بسبب أنه بدأ هو بسباب والدي الآخر يقع وزره والمسؤولية الأخلاقية والدينية عنه على من بدأ بالسباب وليس على من جاءت منه ردة الفعل على السباب بمثله وسيحاسب باعتباره مقترف كبيرة سب أو لعن والديه وهو لم يفعل ذلك مباشرة أنما استجلبه على والديه بفعله ضد الآخر، واذا حسب مبدأ السببية بالإسلام؛ فالجماعات الإسلامية الإرهابية هي الملامة على كل من يتعرض له الإسلام والمسلمون من اضطهاد ومعاناة ومظالم وسيحاسبهم الله على تسببهم بمقتل ستة ملايين مسلم وتشريد أربعين مليون مسلم بمخيمات اللاجئين يتجمدون من البرد حتى الموت ويغرقون بالبحار جماعياً بقوارب الهجرة غير الشرعية بسبب عمليات إرهابية عدمية عبثية لم ينتج عنها إلا الضرر والنكبات للإسلام والمسلمين.